حوار مع الكاتبة الإماراتية أسماء الزرعوني

حاورتها: ريم الكمالي*

يأخذنا الحوار مع الكاتبة أسماء الزرعوني للغوص في أعماق سيرة حياتها، من بداياتها التي تشبه الحلم، ثم المكابدة والنشر باسم مستعار، حتى استمعت لنداء النشر والكتابة عبر الصحف لتنشر باسمها علانية، ولم يكن ذلك سهلاً حينها، بأن تضع سيرتها بتلك الخطى الثابتة.

وفي مسيرتها التي لم تضع لها توجيهًا خاصًا، أو صنفًا أدبيًا واحدًا، لأنها كتبت القصة القصيرة والروايات وقصص الأطفال والأناشيد… في مسيرة مهنية وتربوية وأدبية، مع أنشطة ومشاركات لا تُعد.

س. بعد مسيرتك المهنية الطويلة، كتربوية، وعضوة في معظم مجالس الأدب والفكر، أخبرينا ما هو الباب الجمالي الذي فتحه لك طموحك وإصرارك؟

ج. طفولتي بين أب مثقف اختبئ في مكتبته المتواضعة وأنا أقلب صفحات الكتب دون أن أستوعب ما تحمله الكلمات الغريبة عني وعن كتب المدرسة الابتدائية، لكنني كنت أعشق تلك الكلمات.

وأُمني نفسي بأنني سأرسم خريطتي من هنا، ليأتي معه الحلم بين دفات الموج والرمال الفضية، التي كنت أخط بأناملي الصغيرة، متنقلة بين الحرف والكلمة، وحيّ الشويهين في إمارتي الباسمة الشارقة، رغم أن دراستي لم أكملها في الفترة المسائية بسبب العادات والزواج في سن مبكرة، ومن داخل العائلة أكملت، وأحببت المجتمع المدرسي، وأحببت طالباتي وعشت هموم المعلمات، فكتبت عنه.

س. كتبتِ في بداياتك بالخفاء في مجلات محلية، وكنتِ تخشين رؤية أفراد أسرتك كتاباتك المنشورة، تحدثي للقارئ والكُتاب الجدد عن تجربتك الإبداعية بمغامراتها الخلاقة؟

ج. كانت العادات والتقاليد مقدسة عند العائلة، وكلمة العيب تقف في طريقي، ومجتمع شبه مغلق في ذلك الوقت، لكن الكتابة كانت تختنق، وتريد الانطلاق والإفراج عنها، ولأنني كنت قارئة بالدرجة الأولى لكل شيء يقع في يدي، مع حرصي على اقتناء المجلات، وجدت ضالتي فيها، أكتب وأختفي خلف الأسماء المستعارة.

وكانت فرحتي بحجم الكون، خاصة وأنا أجد كلماتي تتوسط المجلات والصحف إلى درجة أنني كنت أشتري أكثر من نسخة. كنت أحارب وأقف في وجه المدفع حتى استطعت أن أنشر في الصحف المحلية باسمي الصريح عام 1988م، كانت قصة بعنوان: عندما يجف النبع.

س. الثمانينيات في الإمارات كانت مضيئة بالأقلام الواعدة، فكيف انخرطت أسماء اليافعة، حدثينا عن تلك الفترة؟

ج. هذه الفترة كانت فترة انفتاح بالنسبة لي ولصديقاتي المبدعات، فكان التشجيع من شخصية نحبها جميعًا، قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤن الأسرة.

حيث شجعتنا على تأسيس رابطة للأديبات نهاية عام 1989م، في نادي المنتزه للفتيات برئاسة القاصة شيخة الناخي، وعضوية الأديبات صالحة غابش وكلثم عبدالله وفاطمة الحاج وعلياء جوهر وأخوات عربيات مقيمات في دولة الإمارات، وسموها هي الرئيسة الفخرية للرابطة.

س. إصداراتك للأطفال غنية وبعضها دخلت المنهاج المدرسي في الدولة، وتاريخ حافل من الإنتاج، فهل من أعمال إبداعية تكتبينها الآن؟

ج. كنت في مدرسة ابتدائية، وأمينة للمكتبة. شاهدت ثمة مسابقة في تلفزيون دبي، والمخرج كان جابر آل رحمة، وكانت المسابقة حول النشيد لليوم الوطني، لتطلب مني معلمة الموسيقى وهي صديقتي وزميلتي، أن أكتب نشيدًا بهذه المناسبة. كتبت الكلمات وأخذنا في المسابقة المركز الأول، وأخذوا لنا صوراً، أما الكلمات فكانت:

سلامًا سلامًا يا إماراتنا

يا رمز المحبة يا نبع الحنان

إلى آخر الكلمات.

كانت هذه من ذاكرتي، وأيضًا بوصفي أمينة مكتبة، رأيت أننا نفتقد للكتب الجادة والهادفة، خاصة تلك التي تنتمي إلى بيئتنا الخليجية والعربية، فكتبت أول قصة للأطفال بعنوان: “غابة السعادة”، وصدرت عام 1992م، وبعدها توالت القصص، قصة “أحمد والسمكة”، وقصة “العصفورة والوطن”، وهذه في منهج الأول الابتدائي، وقصة “سلامة”، وهي في منهج الرابع الابتدائي. كما أصدرت مجموعتي (مرزوق ومزنة) التي فازت بأفضل كتاب محلي في معرض الشارقة الدولي للكتاب عام 2009م.

س. ما الذي كان يلفتك أكثر أثناء الكتابة، وإلى أي حقل تميل أسماء الزرعوني: تأملات، رواية، قصة قصيرة، أطفال…؟

ج. منذ شهر صدر لي مجموعة قصصية بعنوان (اغتيال وردة)، وخلال الأيام القادمة هناك مجموعة قصصية للأطفال (العم جمعة)، وهي تحت الطبع، وهناك رواية جديدة بعنوان: (القصر).

عمومًا أميل لكتابة الرواية أكثر، وقد ترجمت روايتي (شارع المحاكم) إلى ثماني لغات، ورواية (لا تقتلني مرتين) إلى الإنجليزية، كما تم تدريس روايتي (الجسد الراحل) في جامعة الكويت، وروايتي (عفراء) في الجامعة القاسمية.

س. ما هو تصورك عن النقد والممارسات النقدية حول الأدب في الإمارات؟ ولماذا برأيك هناك ندرة في النقاد الإماراتيين؟

ج. النقد في وقتنا الحاضر قلّ كثيرًا، ولم أجد النقد الذي نطمح إليه لكنني سعدت بالنقد التي كتبتها الناقدة العمانية د. سعيدة الفارسي، عن روايتي (شارع المحاكم) وأيضًا الناقدة د. آمنة يوسف من اليمن، حول روايتي (عفراء)، كما أتمنى أن يكون النقد بخير، أما النقاد الإماراتيون فهم لا يعدون على الأصابع.

س. حدثينا عن طقوسك وعوالمك أثناء الكتابة؟

ج. طقوسي غريبة بعض الشيء فأنا لا أعرف أن أكتب في مكان هادئ، أو أجبر نفسي على الكتابة، أحياناً تجدينني في الزحام ومع الناس، لأكتب، وأحياناً أذهب إلى البحر، وأجلس في سيارتي وأكتب، البحر والناس أجد فيهما إلهامي.

* كاتبة وروائية إماراتية.

تحميل الحوار