الصورة السردية للرجل ومدلولاتها في رواية المرأة “فاتحة مرشيد” أنموذجًا

الصورة السردية للرجل ومدلولاتها في رواية المرأة

د. بلقيس أحمد الكبسي*

ملخص البحث

يهدف هذا البحث المندرج ضمن البحوث الوصفية التحليلية إلى توضيح مفهوم الصورة السردية ومدلولاتها، وتمهيد موجز عن السيرة الذاتية للروائية المغربية فاتحة مرشيد، وتحليل أشكال الصور السردية للرجل في رواياتها وهي: (لحظات لا غير، والحق في الرحيل، والملهمات، ومخالب المتعة، والتوأم، وانعتاق الرغبة). وقد تم اختيار هذه الروائية موضوعًا للبحث واختيار رواياتها عينة ممثلة؛ نظرًا لجرأتها السردية وحبكاتها الروائية وتسليطها الضوء على المسكوت عنه في المجتمع المغربي خاصة والمجتمعات العربية عامة. وتتجلى أهمية هذا البحث في دراسة الصورة السردية للرجل ومدلولاتها في روايات المرأة. وسيتم الكشف عن تلك الصور من خلال دراسة منهجية علمية وصفية وتحليلها منهجيًا وعلميًا وفنيًا وأدبيًا من خلال الإجابة عن التساؤلات التي طرحها البحث والخروج بالنتائج.

كلمات مفتاحية: الرجل، الرواية، السردية، الصورة، فاتحة مرشيد، المرأة.

مقدمة

يعد النص السردي الروائي مركزًا لمجموعة من المحاور البنائية والدلالية والجمالية والتصورية وغيرها. كما أدّت وظائف السرد بأنواعها المتعددة الوظيفة السردية والشعرية التوثيقية والتواصلية والتنبيهية والإبلاغية والتفسيرية والتأويلية والاستذكارية والاستباقية في النص دورًا فاعلاً في إثراء بنية النص وتعزيز دلالته الجمالية والبلاغية، وتصور الواقع بأسلوب فني وإبداعي[1]. كما تعمل الصورة السردية المصحوبة بالجماليات الإبداعية على كشف الاتجاهات المتنوعة والعوالم المتعددة وتفسير النص وإدراك ماهيته وتأثيره، فالصورة السردية تساعد القارئ على التفكير والتخيل واستحضار المشهد وتحويل السطور المكتوبة إلى مشاهد مرئية ومحسوسة لا سيما الرواية النسوية الحديثة التي اتسمت بجرأتها السردية وأسلوبها المتفرد، وهي تعكس صورة كل من الرجل والمرأة من خلال الواقع وتناقضات الحياة اليومية، وتكشف حقيقة الذكورية في المجتمعات العربية بأسلوب خطابي نسوي متحرر من سلطة الذكر، وهي تسرد واقع المرأة سواء في الماضي أو الحاضر أو استشراف المستقبل، بما تحمله تلك الصور السردية من دلالات وحالات وتناقضات وثيمات (الألم والأمل، الحزن والفرح، السعادة والتعاسة، الحب والكراهية، الوفاء والخذلان…). فالكثير من النقاد والباحثين  تطرقوا إلى دراسة صورة المرأة في الإبداع السردي الروائي، ونادرًا ما قاموا بعمل دراسات وأبحاث معاكسة لدراسة صورة الرجل في الإبداع السردي النسائي المعاصر، وبالنظر إلى كمّ الروايات النسائية التي كُتبت منذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن سنجد عددًا من الروايات التي كتبتها روائيات عربيات ينتمين إلى أجيال ومجتمعات وأوساط مختلفة ومتعددة ومتباينة، تميزت كل واحدة منهن بطريقتها الخاصة في نسج عالمها الروائي، وفي تصوير شخصية الرجل التي كانت في الأغلب انعكاسا لأحداث واقعية من المجتمع، تناقش ظواهر ومشكلات أسرية ومجتمعية وأمراض نفسية، وما عانت منه المرأة وما تعانيه.

وقد سطرت الرواية النسوية العربية تلك المفارقات وغيرها كردات فعل للسيطرة الذكورية في السرود العربية التي صورت المرأة في نمط واحد وعدة صور سلبية تمثلت في صورة المرأة الكائن الضعيف الاتكالي العاجز، وصورة المرأة الكائن الضائع المسلوب الإرادة، أو صورة المرأة الخائنة المترددة المترقبة التي لا تملك قرارها أو تلك التي تقتات بجسدها وغيرها من الصور السلبية، فجاءت الرواية النسائية ثورة ضد كل ما سبق لتجعل من المرأة بطلة رئيسة في أحداثها، صورتها بشخصية قوية صابرة قادرة على التحمل وتجاوز كل ما يعترضها من معوقات وصعوبات، تمتلك القدرة على تغيير حياتها والمحيطين بها، ذات جراءة وموقف واضح، بينما جعلت من الرجل  شخصية ثانوية غير سوية ذات علل نفسية (سادية وسيكوباتية) تجتمع فيها كل المساوئ، كما يظهر أن الرواية النسوية قد منحت البطولة في أغلب إصداراتها للمرأة في المقام الأول وللرجل ثانيًا.

كما ركّزت الرواية النسوية في سردها على العلاقة الجدلية بين الرجل والمرأة عبر عدة ثيمات منها الحب والزواج والعلاقات العاطفية سواء الشرعية أو غيرها، كما صورت الرجل في عدة صور حول هذه العلاقات سواء أكان حبيب وفي وزوج محب، أو خائن وكاره، ومدافع أو معتدي، ومحافظ أو مغتصب…، كما صورت عدة أشكال للشذوذ الذكوري سواء الجنسي أو العاطفي أو السلوكي. وتعد الروائية “فاتحة مرشيد” إحدى الروائيات العربيات اللواتي اقتحمت أقلامهن حصون المسكوت عنه من (التابوهات والموانع) التي كانت تذكر مواربة لا صراحة منها: المثلية الجنسية، زنا المحارم، القتل الرحيم، الخيانة الزوجية، العلاقات المشبوهة، وغيرها من المواضيع ذات الحساسية المجتمعية التي تثير حفيظة الآخر، حيث تعمل الصورة في روايات مرشيد على عكس رؤية النص وتجربته وتداخلاته النفسية والعاطفية والاجتماعية وتشكيلاته الإنسانية…إلخ.

علاوة على التمازج الشعري والسردي الذي نجده طاغيًا في روايات “مرشيد” نظرًا لكونها شاعرة قبل أن تكون روائية وثانيًا “تماشيا مع ما لحق بالأجناس الأدبية من تطور وتمازج بشتى الثقافات سواء العربية أو الغربية، فلم تعد نظرية التمييز بين الأنواع الأدبية تحتل مكان الصدارة في الدراسات الأدبية المعاصرة، ولم تعد تشكل أهمية في كتابات معظم الكتاب، وغدا مبدأ تداخل وتمازج النوع الأدبي هو المحور الذي تدور حوله الأعمال الأدبية، وظهرت اتجاهات تؤمن بأن النص كتلة أدبية واحدة، تتجاور فيها مستويات الخطاب، وتتفاعل فيها تقنيات التعبير وأساليبه المتعددة، ودمج ما هو شعري بما هو نثري، وقد لعب السرد بآلياته في هذا الاتجاه دورًا كبيرًا، إذ اعتمد النص تقنيات تعدد الخطاب، وتعدد الضمائر، وتحديد عناصر المكان والزمان والحدث، وتداخل المنولوج والحوار بمستوييه الداخلي والخارجي، والبناء الدرامي، والشخصيات بصفاتها وأفعالها وأسمائها، والوصف بتشخيصه للأشياء، و تأثيره في المتلقي”[2]

وهذا ما نجده في أعمال الروائية “مرشيد” التي جسدت في رواياتها شخصيات متعددة منها شخصيات غير اعتيادية وأخرى غير سوية عملت على تعريتها وكشف خباياها وما تنطوي عليه من علل مرضية ونفسية تُأثر على الأفراد والمجتمع في سرد مفتوح ومباح لا يبالي بقيود أو ردود فعل أو اعتبار لأي مانع.  كما تعد من أبرز الأصوات النسائية الروائية العربية التي تجذب القراء بأسلوبها الإبداعي والفني ولغتها الشعرية، فهي كاتبة متفردة وروائية قدمت وتقدم في كل أعمالها الأدبية لوحات سردية فنية غنية بالدلالات والإيحاءات، مراعية في كتاباتها الجوانب الفنية التي تجذب اهتمام القارئ وتثير شغفه للمتابعة، كما تثير العديد من التساؤلات وتدع كل قارئ يبحث في عقله عن إجابات متفردة أو خاصة به.

مفهوم الصورة السردية ومدلولاتها لغةً واصطلاحًا

مفهوم الصورة لغةً

تحتل الصورة مكانةً مهمةً في الدراسات الأدبية والنقدية والبلاغية سواء القديمة منها أو الحديثة والمعاصرة التي اهتمت بتحديد ماهيتها ووظيفتها في العمل الأدبي. ولتعريف الصورة لغويًا فقد اشتقت الصورة لغة من الفعل (صور) وتعني هيئة الفعل أو الأمر، والصورة هي الشكل والجمع صور، قال (تعالى) في محكم التنزيل: “الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)” (الانفطار:7-8). كما تعني الصورة حقيقة الشيء وهيئته وصفته وهي الشكل والتمثال المجسم وجميع المخلوقات التي خلقها الله المصور وأبدع تصويرها “والله هو المُصَوِّرُ الذي صوَّر جميع الموجودات ورتبها فأعطى كل شيء منها صورة وهيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها”[3]. “وتصورت الشيء: توهمت صورته فتصور لي، والتصاوير هي التماثيل”[4].

مفهوم الصورة اصطلاحًا

تعرف الصورة اصطلاحًا بأنها: أداة فنية لاستيعاب أبعاد الشكل والمضمون ذات لفظ ومعنى تشتمل على مجموعة من العلاقات اللغوية والبيانية، تتكون من إطار ومحتوى ونتاج فني وأدبي ذات إشباع وجداني وانفعالي وقدرة فنية ودلالية تعمل على تشكيل صورة فنية وإبداعية لدى المتلقي تساعد على إيصال الفكرة له[5]. والصورة السردية هي صورة لغوية تخيلية وإبداعية وإنسانية يشكلها السرد ويتفاعل معها؛ لتشكيل الحبكة السردية عبر عدة صور سردية منها: (صورة الموضوع، وصورة اللغة، وصورة الفضاء، وصورة الشخصية، وصورة الراوي، وصورة الإيقاع، وصورة الامتداد، وصورة التوتر) وغيرها من الصور. والصورة السردية وسيلة للتشخيص والتعبير الفني والجمالي عن قضايا إنسانية منها على سبيل المثال: (الحياة والموت، الحب والكراهية، السعادة والشقاء، السلم والحرب…)، وهي طريقة للتشكيل والتصوير والوصف مادتها البلاغة واللغة، رؤيتها إنسانية، وغايتها الوظيفة الفنية والجمالية، بمراعاة مجموعة من السياقات التي تحيط بالصورة من الداخل والخارج، مثل: (السياق اللغوي، والسياق البلاغي، والسياق الذهني، والسياق النصي، والسياق الجنسي…)، والصورة إجراء لغوي ووسيلة فنية وغاية، تنم عن الكفاح الفني للكاتب في بناء عالمه الروائي وفق شروط اختيارية[6]. والصورة دينامية بطبعها، ومساهمة في ضمان دينامية النص الروائي، كما أنها توتر وامتداد وتفاعل بين مختلف أنماط الصور الكثيفة والمباشرة والجزئية والكلية. والصورة السردية خاضعة لمنطق يتحكم بدقة في مظاهر ترابط المكونات تتشكل في نسق يصبح هو كونها ووجودها[7].

الروائية فاتحة مرشيد وأعمالها الأدبية[8]

فاتحة مرشيد شاعرة وروائية مغربية من مواليد 14 مارس 1958م، بمدينة بن سليمان في المغرب، وحاصلة على الدكتوراه في الطب عام 1985م وعلى دبلوم التخصص في طب الأطفال عام 1990م. أشرفت على إعداد وتقديم برنامج يهتم بالتربية الصحية في القناة الثانية المغربية لعدة سنوات. كما أشرفت على فقرة (لحظة شعر) في البرنامج الثقافي (ديوان) بالقناة نفسها. وهي عضوة في اتحاد كتاب المغرب، وحاصلة على جائزة المغرب للشعر عام 2010م. شاركت في عدة فعاليات ثقافية محلية وعالمية، وتُرجمت نصوصها إلى عدة لغات منها: الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية والتركية والصينية والأردية. إنها تكتب الشعر والرواية والقصة، ولها مؤلفات في طب الأطفال أيضًا. لها عدة دواوين منها: “إيماءات”، و”ورق عاشق”. ولها روايات عديدة منها: “لحظات لا غير”، و”مخالب المتعة”، و”الملهمات”، و”الحق في الرحيل” و”التوأم”، و”انعتاق الرغبة”.

أشكال الصورة السردية للرجل ومدلولاتها في روايات فاتحة مرشيد

صورة الرجل في رواية لحظات لا غير[9]

تعد رواية لحظات لا غير” للكاتبة فاتحة مرشيد أولى رواياتها الصادرة عن المركز الثقافي العربي عام 2007م، وهي رواية رومانسية نسجت حبكتها من وقائع الحياة وأحداثها وهي تسرد قصة بطلتها (أسماء) الطبيبة النفسية التي تحاول استعادة الحياة للراغبين في إنهاء حياتهم، في نفس الوقت تستعيد حياتها وأنوثتها وتحيي قلبها بحب يعيدها للحياة من جديد. “لحظات لا غير” هي لحظات إنعاش الروح والفكر وترميم الجسد، لحظات بقاء على قيد الحب رغم قصرها، لحظات تجلي الذات واشتباكها مع ذات الآخر والتماهي معه دون سابق إنذار، الحب وحده من صنع تلك الملحمة. وقد ناقشت الرواية صورة الرجل (فريد) الشاعر الفيلسوف المحب صانع القرارات الذي غير شخصية الطبيبة (أسماء) الشخصية الرومانسية الحالمة بحب جارف، المولعة بالقراءة والكتابة، التواقة إلى حياة متوازنة بين رغبة الروح واحتياج الجسد، الثائرة على القيود التي كانت تكبلها، عندما تعرفت على وحيد تبعت نداء روحها واتبعت جملة من التغييرات في حياتها، فانفصلت عن زوجها طبيب القلب الجراح الذي كانت علاقتها به متوترة، كما قامت بإجراء عملية تجميل إثر استئصال نهدها، فقد كانت أمنيتها لسنوات أن تكون فخورة بثدييها وهي ترضع طفلها الذي لن تراه بسبب عملية الإجهاض التي أرغمها عليها زوجها الطبيب. وقد جاءت هذه التغييرات الحاسمة نتيجة القرب الروحي والعاطفي بينها وبين الشاعر (وحيد) وعبر آلية الطب النفسي التي من خلالها يحكي المريض سيرة حياته وأهم المحطات والمنعطفات الكبرى التي أوصلته إلى حالة الاكتئاب، ومن ثم الوصول إلى حالة الانتحار، وإثر تلك الجلسات التي خرجت عن سياق العلاقة بين الطبيبة ومريضها، وتحولت إلى علاقة عاطفية متبادلة المشاعر بينهما. ومن هنا استرجع (وحيد) ذاكرة طفولته، وأهم الأحداث الفاصلة في حياته التي كان منها الكراهية الشديدة لوالده، لتكتشف الطبيبة (أسماء) بعد عدة جلسات سبب هذه الكراهية التي ترجع إلى حادثة سير مؤلمة أسفرت عن موت والدة (وحيد)، فعد وحيد والده المسؤول عن وفاتها في هذه الحادثة بسبب تهوره أثناء قيادة السيارة بسرعة جنونية وهو في حالة سكر. فقد عاش (وحيد) مع أبيه سنوات حالكات لا سيما بعد زواجه من أخرى بعد أن توفيت والدته وسيدته الأولى وصاحبة التضحيات الكبرى، وعد تواطؤ والده مع زوجته الجديدة خيانة كبرى لأمه، لم يتقبلها وقد سببت له أثرًا غائرًا من الأحزان والذكريات السيئة، لذلك قرر بعد حصوله على شهادة البكالوريا الرحيل ليكمل دراسته في مدينة أخرى بعيدًا عن أبيه وزوجته.

التحق (وحيد) بقسم الفلسفة وعاش علاقة متوترة متباعدة ومتنافرة مع والده، وخلال هذه الفترة أدمن الكحول وكانت حياته متعثرة متوترة ومتدهورة، حتى التقى بزوجته (سوزان) التي ساعدته على التخلص من حالة الإدمان وإكمال دراسته وحاولت إصلاح علاقته بوالده، وقد أسفرت محاولاتها تلك عن تواصل زوجها وحيد مع والده بعدة لقاءات نادرة وبضع رسائل قليلة، وبعد فترة من تصالح وحيد مع والده وتواصله معه بلغه خبر وفاته إثر حادث سير، هذا المصير المؤلم كان يتمناه له ويدعو الله أن يكون مصير والده الموت بحادث سير كما ماتت أمه بحادث سير كان والده هو المتسبب به نتيجة قيادته للسيارة وهو في حالة سكر،  لكنه عندما بلغه حادث وفاة والده بتلك الطريقة أصيب بحالة نفسية وندم وحسرة واكتئاب مزمن، معتقدًا بأن دعواته هي السبب، وكل تلك الأحداث المتراكمة توقف خلالها عن كل شيء حتى الكتابة ومن ثم قرر الانتحار. وفي لحظات اليأس الأخير ساعدته الطبيبة (أسماء) للخروج من حالته النفسية واستطاعت أن تخرجه من سوداويته الحالكة وعالمه الكئيب الذي كان يعيش فيه، فعاد من جديد وتنفس عبر الكتابة فأبدع وأجاد وتألق. ومن جهة أخرى، ساعد طبيبته في العودة إلى الحياة، التي تصالحت مع ذاتها وكل محيطها وفاض قلمها بحبر الحب والإبداع والأمل، وعملت على قراءة ونقد دواوينه الشعرية، هي أعادت روحه إلى أبراجها، وهو أعاد أنوثتها وحبها لنفسها وإبداعها إلى مداراتها، كلاهما أعاد الآخر للآخر. وحول هذه العلاقة تورد الكاتبة قولا على لسان الطبيبة أسماء تقول فيه: “في الطريق إلى بيتي أحسستُ برهبة تنتابني وأسئلة تلح عليّ: كيف أعادتني حصص علاجه إلى نفسي؟ أتُراني أُحلله أم أنه يحللني؟”[10]. وفي مقطع آخر تقول: “لا شيء يعيد الحياة لجسد ميت، مثل صعقة الحب”، وهذه الصعقة القوية هي التي حولت طاقتها الداخلية من الضعف إلى القوة، من الخرس إلى الجهر بمكنون الذات، من المواقف المترددة إلى الحسم فيها”. وفي المقابل نص مقتطف من الرواية على لسان فريد يقول فيه: “أذكر كيف بقبضة من حديد تحكمت في مصيري وغيرت مجرى حياتي. ربحت معركة المرض وبعدها معركة الطلاق ولولا اقتحام السرطان حياتي لما عدت إلى الحياة[11]. وتتوالى أحداث الرواية فيحب البطلان بعضهما ورغم المعارضة والصعوبات التي تترصدهما إلا أنهما يصممان على الزواج ويتم لهما ذلك، وبعد فترة وجيزة من زواجهما يصاب (وحيد) بمرض خبيث، ويصبح حبيس الفراش والآلات والأدوية، لكنها حرصتْ على الاهتمام به وتكفلت بمراعاته بمفردها دون الاستعانة بأحد رغم إصرار طبيبه على الاستعانة بإحدى الممرضات، لكنها رفضت أن يتقاسم أحد معها لحظاتها الأخيرة معه ويزعج خلوتهما، فقد أصبحت حياتها معه مجرد (لحظات لا غير) قررت أن تعيشها بعشق وحب وكأنها آخر لحظات تعيشها، وقد حرصت الكاتبة على تقديم هذه الصورة المثالية في سياق تجربة حب رومانسية لكنها انتهت بنهاية مأساوية حزينة تكبدت خلالها بطلة الرواية (أسماء) معانات كثيرة أثناء مرض زوجها وما رافقها من إرهاق نفسي وجسدي وهي تراعيه وتعتني به في لحظاته الأخيرة، وغيرها من التبعات التي رافقتها كالعوائق المادية التي مرت بها لا سيما بعد أن قدمت استقالتها، وبعض العوائق المعنوية التي رافقتها لكنها احتملتها وواجهتها بقوة وعزيمة وصبر وتجلد، إلاّ أن السرطان الخبيث المتسلل الغادر إلى رئة زوجها (وحيد) لم يمهله طويلا، حتى حانت لحظة الفراق الأخيرة وهو في أحضانها وقد قامت بواجبها كونها زوجة مخلصة ومحبة وممرضة درست الطب من أجل أن تعتني به، ومن أجل هذه اللحظات بعد وفاته أخذت على عاتقها إرث الكتابة لتخلده وتخلد حبهما وهنا نهاية الرواية.

صورة الرجل في رواية مخالب المتعة[12]

تعد رواية “مخالب المتعة” لفاتحة مرشيد الصادرة عن المركز الثقافي العربي من الروايات الآسرة بتفاصيلها ضمن سرد سلس يرفع الستار عن قضايا واقعية تفتك بالمجتمع حيث تناقش مشكلة البطالة وما تخلفها من مسببات حيث يتحول الرجال إلى هياكل جسدية في يد النساء الثريات -الزبونات المثاليات للعاطلين عن العمل- هنّ لسن مطلقات بل متزوجات بأزواج يشترون صمتهن وخضوعهن واستمراريتهن في الأسر الزوجي لأجل المظاهر الاجتماعية -التي تؤثر بدورها على بقية المظاهر- وهن يستعملن نقودهم لتحقيق رغباتهن، بينما العاطلون يبيعون أنفسهم لهن بسبب الفقر والحاجة للمال، وتعكس هذه الرواية واقع مجتمع تفتك به البطالة والفقر ولا قيمة للشهادات والخبرات أمام ابتسامة امرأة جميلة تملأ جيوب الشباب المتعلم والعاطل عن العمل في الوقت نفسه بالمال والهدايا، الشباب العاطل عن العمل والمغلوب على أمره في انتهاكات الحياة وكأنه سلعة تباع وتشترى وتستهلك. في هذه الرواية وبجراءة أدبية تناولت الكاتبة “دعارة الرجال”، وصورت واقع الشباب الأليم، وقد عرى قلمها هذه الظاهرة المسكوت عنها ببراعة وإبداع، كما سلط الضوء على واقع مؤسف يعاني منه أصحاب الشهادات الذين يعانون من البطالة ولا يجدون عملا يضمن لهم قوت يومهم ويحفظ لهم كرامتهم وإنسانيتهم كما هو حال الشبان الأربعة في الرواية (عزيز وأمين ومصطفى ورابعهم رشيد) الذي كان وضعه مختلفًا حيث ترك الجامعة عندما ألحقه والده بأحد المعاهد، وبعد تخرجه حصل على عمل ومن ثم صاهر رئيسه المباشر، وهو رجل أعمال معروف، فدخل مجتمع الثراء من بابه الواسع. كما تصور الرواية حال أحد أبطالها وهو (عزيز) الذي عاش طفولة قاسية إثر انفصال والديه وهو في التاسعة من عمره، فتزوج والده (سي علال) شابة تصغره سنًا، وفي ظل الأحداث طرده والده من البيت بعد أن ضبطه يتلصص على زوجته في الحمام، فانتقل للعيش مع أمه وزوجها الذي أذاقه كأس المهانة والذل، وبعد اجتيازه لامتحان الباكالوريا، سافر إلى ألمانيا وبعد أن فشل في الاستقرار فيها بعد أن اكتشفت خطيبته تحرشه بأختها، عاد خاوي الوفاض ليمتهن بعدها الاتجار بجسده وبيعه للنساء الثريات من الطبقة المخملية، وهنا يصف حالته في امتهانه لهذا العمل وكأنه دوام يومي بقوله: “أرتاح يوم الأحد لأنه اليوم الذي يخصصنه للزوج والأسرة”[13]. وقد كانت نهايته مؤسفة حيث انتهى به المطاف إلى السجن بسبب قتله زبونته (ليلى) التي نفرت منه بينما وقع هو في حبها وقد أوردت الكاتبة عبارة على لسانه يقول فيها: “لست أحد فساتينها تلبسه يوما وتستغني عنه في الغد”[14]. (ليلى) نفسها تعرضت في طفولتها للاغتصاب من قبل زوج أمها، فحكم عليها بتزويجها من رجل يكبرها بثلاثين سنة، فتكونت لديها عقدة رافقتها طوال حياتها وفي مقتطف من الرواية تفصح عنها بقولها: “لا أومن بالحب، وحدها المتعة تحركني، متعة أشتريها، متعة مع رجال يصغرونني سنًا، لا أتحمل الجنس مع من هم أكبر مني، أرى فيهم شبح زوج أمي”[15]. هكذا هو حال الأثرياء الذي تؤكده الكاتبة من خلال قولها: “أصحاب المال عندما يضيع منهم الشباب يحاولون شراء شباب الآخرين”[16]

كما تصور لنا الرواية شخصية (أمين) الذي يقتات على ما تجود به عليه أخته -المعيلة الوحيدة للأسرة منذ وفاة والده- التي تشتغل في صالون للحلاقة، كل صباح تدس له في جيبه ثمن دخان وفنجان قهوة، منذ تخرجه يبحث عن عمل يناسب تخصصه في التاريخ والجغرافيا الذي رأى: “بأن لا مستقبل بدون تاريخ، ومصير الشعوب تحدده الجغرافيا”[17]. هكذا ظل حاله إلى أن التقى بصديق دراسته (عزيز) الذي أقنعه بأن يبيع نفسه هو الآخر لزبونة وصفها له بقوله: “إنها تكبرك سنا، جميلة، ثرية، وتعيسة. مواصفات تجعل منها زبونة مثالية”[18]. وقد كانت تجربة (أمين) مع (بسمة) المرأة الثرية مختلفة فهي لم تكن في حاجة سوى لمن يشاركها حزنها على ولدها الفقيد، يصغي إليها ويواسيها، وبعد مقتل صديقتها (ليلى) على يد (عزيز) اضطرت إلى الهجرة إلى كندا، بعد أن ضمنت (لأمين) وظيفة في معهد للتكوين. لتتجلى لنا صورة موازية للبطالة وهي الوساطة والمحسوبية والعلاقات الخاصة وضياع فرص الشباب في الحصول على عمل، وهذه الصورة تجسدها شخصية (مصطفى) الحاصل على الدكتوراه في الفلسفة، الذي أنهكه البحث وأصابه اليأس والإحباط في الحصول على عمل يناسب تخصصه، فامتهن عدة أعمال منها سائقًا لسيارة أجرة، وتزوج من أخت صديقه (أمين). وهنا تكشف الرواية على لسان شخوصها ما يعيشه المجتمع من مشكلات وتناقضات من خلال سياق الحديث بين الصديقين (عزيز وأمين) الذي استنكر هذا التناقض بقوله: “لماذا عندما يتعلق الأمر برجل مسن يدخل في علاقة مع فتاة في سن حفيدته يعتبر الأمر عاديًا، وعندما يتعلق الأمر بامرأة تعاشر رجلا أصغر منها سنا تصبح المسألة غير مقبولة بل ولا أخلاقية؟”[19]. كما ناقشت الرواية قضية التقاعد وصورة الرجل المتقاعد التي وردت على لسان (إدريس) وهو يحكي قصة صديقه (أحمد) الذي ظل ينتظر نصف قرن ليحقق حلمه في السفر إلى “تاج محل” الذي كان شغوفا به ويعدهُ محراب الحب والمحبين، فعندما وجد نفسه وحيدًا في ظل انشغال زوجته بالتنقل في بيوت أبنائهما وتلبية احتياجات أحفادها، قرر السفر للهند وزيارة حلمه المنتظر “تاج محل” فعقد اجتماعًا مع زوجته وأبنائه ليخبرهم بعزمه على السفر وتحقيق حلمه، وما هي إلا فترة وجيزة حتى جردوه من كل ممتلكاته وحجروا عليه، وعند علمه بالأمر انهارت قواه وسقط ضحية صدمة عنيفة ظل خلالها يتألم على حاله من جراء ما حصل له من أبنائه، متحسرًا وهو يقارن حاله ويتمنى أن يشبه حال المتقاعدين بقوله: “وإن تقاعدوا عن العمل فهم لا يتقاعدون عن الحياة، بل يتهافتون على السفر واكتشاف العالم”[20]. بعدها بأيام قليلة وجد جثة هامدة. ومن التناقضات خارج نطاق الرواية هناك تناقض آخر من قبل النقاد والأدباء والرأي الآخر حول هذه الرواية التي تعرضت لانتقادات كثيرة، وتم منع عرضها وتداولها في بعض الدول، بسبب متنها والقضايا التي تطرقت إليها، وقد علقت كاتبتها في أحد حواراتها على هذا المنع وذاك الانتقاد بقولها: “كم من كاتب عربي يكتب عن دعارة النساء، ويتفنن في نقل وقائعها حد القرف، فلماذا يضيق بعض أصحاب القرار ذرعًا بكتابتي عن دعارة الرجال، إذ قامت قيامتهم ولم تقعد”[21].

صورة الرجل في رواية الملهمات[22]

كشفت الروائية فاتحة مرشيد في روايتها “الملهمات” (تابوهات) في علاقة الرجل بالمرأة بجرأة أدبية ومعرفة تخصصية طبية ونفسية، حيث أزاحت الستار عن ظواهر اجتماعية مسكوت عنها وسلطت الضوء على سلوكات ذكرتها بين سطور روايتها الثالثة “الملهمات” حيث ناقشت الرواية صورة واحدة للرجل، ذلك الرجل الذي لا يضع اعتبارًا لسن أو تعليم أو مجتمع أو مكانة أدبية وثقافية، صورة الرجل الممتلئ بالنساء، المصاب بالعلاقات الشائكة المهووس الشهواني، المتقلّب، الغامض، التائه الذي لا يعرف ماذا يريد، ومن الصعب معرفة ما يدور في رأسه وما يجول في تفكيره. كما عالجت رواية “الملهمات” الهوس في ممارسة العلاقات المحرمة في صورة بطل الرواية الأستاذ الجامعي والمؤلف (إدريس) الذي له علاقات متعددة مع نساء من مختلف الشرائح (المغنية، الراقصة، الأديبة، الشاعرة، الرسامة، الخادمة، الضحية والعاهرة…إلخ)، ومع مختلف الجنسيات (المغربية، الصينية، الألمانية، الخليجية…)، وهذا الفعل الشاذ وهو ممارسة الجنس كمحفز على الإبداع، ظهر لدى بطل الرواية بشكل مغاير عما هو متعارف عليه أن فعل الجنس هو فعل متعب، ينال من جهد المرء، بينما الفعل الإبداعي يتطلب نشاطا وقوة لكن المفارقة هنا أن بطل الرواية ما إن ينتهي من ممارسة الحب مع ملهماته كما يسميهن حتى يمسك بالقلم ويشرع في الكتابة ويبدع فيها. وحول ما سبق ذكره بعض الاقتباسات من رواية “الملهمات” ذكرتها الكاتبة على لسان بطلها بقوله: “قصتي مع الكتابة ممزوجة بقصتي مع الحب”[23]. وفي موضع آخر يقول في علاقته مع (هناء): “عادت إليَّ بجسدها الذي يمنحني متعة الحب ومتعة الإبداع”[24]. وقوله: “سَرعانَ ما اعتادت هناء على طقس الكتابة الذي يكمل طقس المعاشرة الجنسية، استطعتُ بلباقة أنْ أجعلها تحسُّ بالفخر كطرف فعّال في عملية الإبداع، طرفا أساسيًا وضروريًا مما جعلها تجتهد في إنجاح العملية الجنسية حتى أستمتع أكثر وأكتب أغزر”[25]. أما في علاقته مع طالبته (ياسمين) فيقول: “بحيث كلّما انتهينا من ممارسة الحب… وجلستُ إلى المكتب إلاّ وتنهالُ عليَّ الأفكارُ من حيث لا أحتسب. فمع كل لقاء بها أخطُّ قصة بأكملها، أكونُ أول من يفاجئ بالبناء المتماسك لأحداثها”[26]. ويصف علاقته مع الخادمة (زينة) بقوله: “بعد هذا العراك الحيواني اللذيذ جلستُ مباشرةً في عريّ تام على المكتب، وشرعتُ بمتعة عارمة في الكتابة”[27]. ويصف شعور (ثريا) -زوجة صديقه- بقوله: “كانت تُسعد كلما كتبتُ شيئًا بعد مضاجعتها”[28]. وقد حللت الرواية سبب الإعاقات النفسية والمرضية التي يتعرض لها الأشخاص في كبرهم وحالات الشذوذ والهستيريا ما هي إلا تراكمات أحداث حصلت لهم في الطفولة، وعبرت عن ذلك عبر لسان البطل الذي ذكر حدثًا كان هو السبب الرئيس في شذوذه وشغفه الهستيري بالنساء مسترجعًا بذاكرته إلى ماضيه التعيس، وأرجع شبقه بالعلاقات الجنسية مع مختلف النساء وفقدانه للاستقرار النفسي والعاطفي بسبب علاقة والدته المثلية بقريبتها (دادة الغالية) من خلال قوله: “اتجهتُ وسط الظلام إلى غرفة والدتي أستجدي بعض الحنان، لأجدها بين أحضان دادة الغالية في وضعية تفوقُ الحنان. كانت الواحدة تُقبّلُ الأخرى بشغف وقد تحررتا من ملابسهما، كان هذا الحدث أول زلزال في علاقتي بالنساء، انقلبت طباعي بين ليلة وضُحاها، أصبحتُ عنيفًا لا أسمع الكلام، أنفعل لأقل سبب، لا أقبل نصيحة وأجتهدُ في جعلي محط عقاب من قبل الجميع كأنني ألومُ نفسي على رؤية شيء مُحرّم عليَّ”[29]، واعتراف آخر بقوله: “بعد أنْ صرتُ بحاجة إلى النساء بدأ التمزّقُ في علاقتي بهنَّ، علاقة مضطربة وغير مستقرة تملأها التناقضات الكثيرة، ما سمعتُ منهنَّ بأنني غير عادي وكذلك كنتُ. كنتُ في علاقتي بالمرأة أعيش ازدواجية كمن يعاني من انفصام في الشخصية. بداخلي رجلان أحدهما عاشق من نار، والرجل الثاني مراوغ لئيم يطمحُ إلى المخادعة، يتضوّر جوعًا للنساء ولا شيء يُشبعُ شهيته إلاّ مؤقتًا. لكن يعصره الشكُّ في صفائهنَّ ونقاء سريرتهنَّ فيستغلهن لمصلحته ويرمي بهنَّ كعود ثقاب أُشعل وانتهى”[30].

كما أرجع سبب الإبداع في كتاباته إلى تلك الممارسات متواطئًا مع هوسه، مقتنعًا بأن (أمام كل رجل مبدع نساء كثيرات يعطينه أجسادهن وعواطفهن ليتسنى له الإبداع في الكتابة) كما ربط سر إبداعه في الكتابة بعلاقاته الشاذة المتنوعة والمتعددة. كما أوضحت الكاتبة من خلال السياق الروائي جوعه للنساء وانغماسه فيهن حد السادية ومعاشرته لهن حتى خلال فترة الدورة الشهرية التي كانت سببًا في إصابته (بسرطان البروستات) فكان السبب في حتفه حيث ختمت الكاتبة نهاية الرواية بموته لتنهي حكاية الرجل المهووس بعلاقاته مع نساء كثيرات، تلك هي إحدى صور الرجل في أعمال فاتحة مرشيد.

صورة الرجل في رواية الحق في الرحيل[31]

الروائية فاتحة مرشيد صاحبة الكتابة الإبداعية التي تحمل في طياتها قيمًا فنية وجمالية تأملية، وموضوعات إنسانية واقعية واجتماعية ذات أهمية كبيرة جمعت في ثناياها ثنائيات متقابلة متناقضة (حياة وموت، حب وكراهية، أنوثة ورجولة، غربة ووطن، بقاء ورحيل…) تلك الثنائيات المتناقضة وجدناها في رواية “الحق في الرحيل” رواية ناقشت الحق في الموت أو (الموت الرحيم) حقيقته ومصيره كتجربة إنسانية اختيارية فلسفية وإن كانت غير أخلاقية وقد علقت على ذلك في سياق الرواية  بقولها: “أليست الأخلاق من صنع المجتمعات لضبط الغرائز الطبيعية لأفرادها؟”[32]، حيث تسرد الرواية قصة (فؤاد) (الكاتب الشبح) الذي قضى عمره كاتبًا من خلف الستار يكتب للآخرين بالمقابل، عندما تعرف على (أسلان) الطاهية ذات النكهات المتفردة والفلسفة والجمال في لندن، نشأت بينهما قصة حب ومن ثم تزوجا وعاشا عاشقين يحمل كل منهما للآخر مشاعر حب نبيلة وإنسانية، حتى أصيبت زوجته (أسلان) بمرض خبيث ليبدأ الصراع النفسي الذي عانى منه (فؤاد) وخضوعه لرغبتها في تخلصها من الحياة عن طريق الموت الرحيم نتيجة ما تعانيه من الآلام والأدوية الكيماوية والأجهزة الطبيبة الموثوقة بجسدها. 

وتصور الرواية شخصية (فؤاد) الذي كلما وجد نفسه في مواجهة واقع مرير يقوم بممارسة الكتابة معلقًا على ذلك من خلال قوله: “لا بد للكتابة من موت حتى تتحرر من سجنها… ليصبح الموت حرية وتصبح الكتابة فعل تحقيق هذه الحرية، حتى في اللحظة التي كان يواجه فيها حكم الإعدام، وهو يعرف أنه سيموت، إذ الكتابة، في النص، فعل رهين حدث الموت، ربما كانت تلزمني موتا فقط، لأنها مثل الجوزة لا بد من كسرها لتكتشف”[33]، وقوله: “لم تعد الكتابة اختيارًا، أصبحت هواء يملأ الفضاء كحضورها”[34]. ونجد في هذه الرواية أن الحب قيمة سامية تناضل من أجلها الإنسانية، كما ذكره سياق الرواية: “لا تهمني تفاصيل الأحداث بقدر ما تهمني انفعالات الشخصية خلالها ووقعها عليها وتأثرها بها.. تهمني الشخصية وسط الأحداث بأحلامها، بمخيلتها، بكل إفرازات الحياة بداخلها لأن في الكتابة كما في الحياة لا تهم عظمة الأحدث بقدر ما يهم تفاعلنا معها”[35]. وتجسد الرواية شخصية الرجل في صورتين وتجربتين مختلفتين في حياة بطلها (فؤاد)، التجربة الأولى هي تضحيته وزواجه من (ربيعة) أخت صديقه، عندما علم بحملها من أخيها الذي قام باغتصابها وحدث أن رحل فجأة فتزوجها وتعهد برعاية ابنها، لتأتي تجربة أخرى أشد صعوبة وهي حيرته بين حبه وإخلاصه لزوجته (أسلان)، وبين تلبيته رغبتها في إنهاء حياتها بما يسمى (الموت الرحيم) وذلك بعد أن تمكن منها المرض الخبيث الذي أصاب لسانها. فاختارت حقها في الرحيل ومواجهة الموت بطريقتها، وبين تحمله مسؤولية هذا الفعل أمام المجتمع والقانون وإثبات براءته من تهمة القتل. ويعلق السياق الروائي على هذه التجربة بقوله “كل بداية هي رحم لنهاية، وما على الإنسان إلا أن يتعلم كيف يسير نحو نهايته واقفًا ممتلئًا باللحظة التي يمكنها أن تشكل بُعدا في مواجهة مصائرنا باعتبارها حقيقة”[36]، “لا يصبح الموت هو المعضلة، بقدر ما يصبح السر العميق، في هذا العالم، هو الإنسان، أكبر لغز في الحياة هو الإنسان”[37].

صورة الرجل في رواية التوأم[38]

تطرقت الروائية فاتحة مرشيد في روايتها “التوأم” الصادرة عن المركز الثقافي للكتاب، إلى صورة الرجل المحب الذي يعاني من أزمة عاطفية تتمثل في الحب من طرف واحد عبر أحداث الرواية المتسلسلة لبطلها (مراد) وهو يتصارع مع مشاعره المكبوتة تجاه الفنانة (نور) أخت زوجته الذي اضطرّ إلى الزواج بأختها ليكون قريبًا منها، لا سيما بعد أن وقعت  نور  في حب الروائي (كمال) الذي كان مراد سببًا في تعارفهما، وبعد فترة من ارتباط نور بكمال توترت علاقتهما ووصلت إلى طريق مسدود، فاتخذت نور قرار الانفصال عنه، لكنها تكتشف أنها حامل منه بتوأمين، فتقرر القيام بعملية إجهاض، تخبر مراد بقرارها. ونجد في سياق الرواية استرجاع (مراد) لماضيه فتذكر توأمه (منير)، كما تذكر معاناته من انفصال والديه اللذين قسما الطفلين بينهما بعد انفصالهما، ليعيش مراد مع أبيه بينما أخذت والدته أخيه (منير) الذي توفي في حادث سير، وهذه القصة المؤلمة لم يخبر بها مراد أحدا سوى (نور). تتوالى الأحداث حيث يختلق (مراد) قصة حصول (نور) على منحة جامعية في ميامي ليبعدها عن الأنظار حتى تضع حملها، وعندما تنجب (نور) طفليها (وائل وجاد) تتكفل (نادية) زوجة (مراد) خالتهما برعايتهما وتربيتهما وهي لا تعرف أنهما توأم أختها فقد اقتنعت بكلام زوجها في رغبته بتبنيهما، تستمر الأحداث حتى تتكشف الأسرار مزامنة مع مرض (نادية) ورقودها في المستشفى، وعندما حل عيد ميلاد (جاد وأياد) اكتشفت نادية الحكاية الملفقة فيضطر إلى الاعتراف لها بالخطة التي دبرها مع نور للتستر على قصة الحمل التي لم تشأ أن يعرف بها أحد، لكن طلب نادية الوحيد -قبل أن ترحل إثر إصابتها بالتهاب الكبد الفيروسي الحاد- هو أن يخبر كمال بحقيقة الطفلين. بعد وفاة (نادية) ظهر والد (مراد) ليخبره سبب انفصاله عن والدته، واعترف له بخيانتها، وبرر عدم الكشف عن الحقيقة بقوله: “الفضيحة كانت ستعمنا جميعا وأولنا منير وأنت، لم أشأ أن يُعيركم أصدقاؤكما بأمكما وكرامتي كرجل لم تسمح”[39]. وعلى إثر هذا الاعتراف قرّر (مراد) مسامحة الجميع وجمع الشمل مع أبيه وعدم كراهيته لوالدته. عندما جاء (كمال) من فلورنسا ليقدم العزاء لصديقه مراد، أخبره الأخير بحقيقة أبنائه وائل وجاد تلبية لوعده زوجته الراحلة، لكن كمال لم يبد أي اهتمام أو استعداد لتحمل مسؤولية طفليه، بل نصح (مراد) بأن يعترف (لنور) بحقيقة مشاعره ويعرض عليها الزواج، لنصل إلى نهاية الرواية التي ختمت بتحقيق مراد ما ظل ينتظره منذ سنوات وهو زواجه من نور وتربيته لطفليها.

صورة الرجل في رواية انعتاق الرغبة[40]

“انعتاق الرغبة” هي الرواية السادسة للروائية فاتحة مرشيد التي أصدرتها عام 2019م عن المركز الثقافي للكتاب، مواصلة بهذا الإصدار مسارها الإبداعي، وقد طرقت في هذه الرواية إلى المثلية الجنسية. كما ناقشت موضوع اضطراب الهوية الجنسية التي ظهرت بشكل جلي، لا سيما في الآونة الأخيرة، وقد تطرقت إليها من عدة جوانب: (نفسية وجراحية واجتماعية وتربوية وقانونية وأخلاقية ودينية…)، كما تعرضت لعدة فئات (مثليين ومثليات وسحاقيات ومتحولين ومتحولات وأصحاب الازدواجية الجنسية والعابرين جنسيا). وقد سردت حكاياتهم وحللت حالاتهم النفسية والاجتماعية، وتطرقت إلى أنواع وأشكال العنف والاغتصاب والاعتداء على المرأة والرجل على حد سواء، وامتهان كرامتهما. كما صوّرت الكاتبة الرقابة السلطوية لنوع الجنس، والانتماء إلى نوع الذكورة أو الأنوثة. وناقشت صورًا متعددة لشخصيات تمردت على الضوابط الدينية والأخلاقية والمجتمعية، لتظهر لنا شخصيات جديدة ومتحولة يحمل أصحابها أجسادًا مهزومة مقموعة متحولة مرفوضة. وشخصيات أخرى تمارس العنف والقمع والخيانة والغدر والبطش، وكشفت عن حقيقة شخصيات يدعي أصحابها بالاستقامة ظاهريًا وخباياهم انحلال وانحراف. كما تضع الرواية القارئ أمام تساؤلات فلسفية حول مفهوم الذكورة والأنوثة، الجنس والجندر. تسرد الرواية قصة الأب (عز الدين) ورحلة انعتاقه من قيود جسد لا يعكس هويته الجنسية التي يحسها في أعماقه وتسلسل عبوره نحو شخصيته الأنثوية الجديدة التي اتخذ لها اسم (عزيزة). بعد أن ترك أسرته وبلده المغرب وعزم الرحيل إلى لبنان ومن ثم كندا حتى حط رحاله في بلجيكا باحثًا عن هوية جديدة هي شخصية (عزيزة)، كل تلك الاعترافات يخبر بها (عز الدين) ابنه (فريد) عبر رسائل يحكي فيها لابنه مراحل تحوله بدءًا من الطفولة عندما ضُبط ملتبسًا يرتدي أزياء البنات ويحاكيهن في لبسهن، مرورًا بتضارب مشاعره من زوجته وهي حامل به إلى أن شده مقالا لدكتور فرنسي يدعى (جورج بيرو) ورد فيه بأنه مُختص في التحوّل الجنسي مرفِقًا المقال بصور لمشاهير تحوّلوا من أنثى إلى ذكر والعكس. وعلى إثره اتخذ قراره في تغيير حياته وبدأ رحلته بحثًا عن هويته الجديدة. لتتجلى صدمة الابن (فريد) بأبيه الذي لم يرحل لاهثًا خلف أنثى بل ليكتسب هوية جديدة ويكون هو الأنثى، وما ضاعف صدمة (فريد) رحيل والدته بعد اكتشافها حقيقة زوجها. كما نجد صورة الرجل (الابن) (فريد) الذي عانى من صرامة والدته مؤكدًا على هذه المعاناة بقوله: “كانت حياتي جادة جدًا، قيدتها صرامة والدتي بانضباط عسكري”[41]. وفي مقتطف آخر يقول: “أنصاع لإرادة والدتي فأفعل كل ما ترغب فيه على حساب رغبتي”[42]. كما كانت علاقته بزوجته متوترة من خلال قوله: “حين طرق الباب ظننتها زوجتي جاءت باحثة عني لتُشعل نيرانها المتشظية[43]. لذا قرر (فريد) إعادة تجربة أبيه في الهجرة إلى كندا تاركًا خلفه كل شيء، باع نصيبه من المصحة لشريكه وانفصل عن زوجته، ورحل ليكتشف تفاصيل أسرار غائبة عنه، تلك الأسرار توافيه بها (فاديا) صديقة والده (عز الدين) التي استقبلته وكشفت له جانبًا من شخصية والده. كما حكت له قصتها المأساوية في (ليبيا) قبل سقوط حكم (القذافي)، وكيف سيقت إلى كتيبة نساء العقيد الذي اغتصبها ونكّل بجسدها إلى أن تنطلق الثورةُ وتتمكن من الهروب إلى كندا ليستقبلها (عز الدين) في مونتريال. ودافع آخر برره (فريد) للرحيل هو قراره إكمال حياته مع (فاديا) لأنها من وجهة نظره المرأة المتواطئة مع أفكاره ومشاعره وانفعالاته، المرأة التي ظل يبحث عنها، مؤكدًا على ذلك من خلال قوله: “إنها المرة الأولى التي أتحدث فيها نفس اللغة مع امرأة. لغة تواطؤ الفكر والانفعالات، لغة تعتمد الصمت أساسا”[44]، لتصل بنا الرواية إلى نهايتها المفتوحة عبر مشهد يفضي إلى المجهول نجد فيه (فريد) سابحًا بين السحب وبين أفكاره يتخيل (فاديا) وهي تستقبله من خلال قوله: “على متن طائرة العودة إلى مونتريال، وأنا مسترخ فوق السحاب، أستعيد حقي في الحلم، انعتقت بذهني رغباتي الآتية على شكل سيناريو شريط رومانسي، يخمن ما سيحدث عند وصولي”[45]. وفي لحظة هذا الاسترخاء والتفكير في المستقبل، يكمل قوله: “يحدث اهتزاز قوي للطائرة وصوت مضيفة يبعث على الذعر”[46].

خاتمة البحث

هناك كثير من الدراسات والبحوث حول صورة المرأة في السرد الروائي العربي سواء الذي كتبته المرأة أم الرجل، في حين أن البحوث التي اهتمت بدراسة صورة الرجل في السرد الروائي النسوي، تكاد تعدّ على الأصابع مقارنة بكمية وكيفية الروايات التي كتبتها المرأة، بداية منذ نشأة السرد النسوي ومرورًا بتطوره بوصفه نوعًا أدبيًا ينتمي إلى عالم المرأة، خلال فترة زمنية متتالية ومتلاحقة، وحدود مكانية ومجتمعية مختلفة ومتعددة، وفق عادات وتقاليد وثقافة المجتمع، ذلك النتاج السردي الروائي وضعت من خلاله المرأة صورة الرجل في إطارات مختلفة ومتباينة تتفق أغلبها على ملامح وسمات وصفات متقاربة، وتختلف بعضها في تصوير هيئة الرجل التي يظهر عليها، منها على سبيل المثال: صورة الرجل الأب أو الابن أو الزوج أو الحبيب أو الصديق أو الزميل أو العابر…إلخ، ومدلولات تلك الصور المحب، العاشق، المعتدي، العنيف، المتسلط، الوفي، المساند، الخائن، العابث، العاطل، الاتكالي، الانتهازي، البخيل، المتناقض، المكبوت، المهووس، السادي، الزاهد، الكريم، السخي، ومن المدلولات المهنية: السياسي، الطبيب، الأستاذ، المخرج، المؤلف، الموسيقي…إلخ.

كما جسدت في تصويرها لشخصيات الرجل واقعها الأليم وسطوة المجتمع والرجل على حد سواء، وما تعاني منه في ظل هيمنة أو تسلط أو عنف نفسي وجسدي وعاطفي واقتصادي واجتماعي أو انتهاك حقوق وكبت حريات وغيرها، وهذا التصوير ليس هدفه التنظير أو التشهير أو الإحالة بل كشف المسكوت عنه في مجتمعات تحكمها العادات والتقاليد وتتحكم بزمامها، حيث بعضها لا تستند إلى حكم شرعي، بل على العكس تفسد المجتمع وتؤدي به إلى العديد من المشكلات التي تخلخل أركانه وتقوض أساساته؛ لأن أعمدته الأساسية المتمثلة في المرأة تتعرض للانتهاك والتقويض.

* مركز البحوث، اليمن.

[1] الكبسي، بلقيس. البنية السردية في الشعر العربي الحديث، (أطروحة الدكتوراه). المملكة المغربية: جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس، فاس، 2020م، ص:7.

[2]  الكبسي، بلقيس. البنية السردية. ص:10.

[3] ابن منظور، أبو الفضل. لسان العرب، ج4. بيروت: دار صادر، 1956م، ص:473.

[4] الجواهري، إسماعيل بن حماد. الصحاح في اللغة، ط4، ج2. بيروت: دار العلم للملايين، 1990م، ص:717.

[5] الصغير، محمد. الصورة الفنية في المثل القرآني، ط1. العراق: دار الرشيد، وزارة الثقافة والإعلام، 1981م، ص:36(بتصرف).

[6]  البقالي، البشير. صورة الإنسان في رواية (السفينة) لجبرا إبراهيم جبرا، ط1. مصر: شمس للنشر والتوزيع، 2011م، ص:104.

[7]  أنقار، محمد. صورة المغرب في الرواية الإسبانية، ط1. المغرب: مكتبة الإدريسي، 1994م، ص:16.

 

[8] https://www.fatihamorchid.com

[9]  مرشيد، فاتحة. رواية لحظات لا غير، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2007م.

1 مرشيد، فاتحة.  لحظات لا غير. ص:142.

[11]  المصدر نفسه، ص:143.

[12]  مرشيد، فاتحة. مخالب المتعة، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2009م.

[13] مرشيد، فاتحة. مخالب المتعة. ص:26.

[14] المصدر نفسه، ص:99.

[15] المصدر نفسه، ص:87.

[16] المصدر نفسه، ص:29.

[17] المصدر نفسه، ص:9.

[18] المصدر نفسه، ص:24.

[19]  مرشيد، فاتحة. مخالب المتعة. ص:30.

[20]  المصدر نفسه، ص:149.

[21] عميمر، بوسلهام. الجيغولو (دعارة الرجال) تحت المجهر، الاتحاد-https://alittihad.info، تاريخ النشر: 19 مارس 2021م، تاريخ الزيارة: 15 فبراير 2022م.

[22]  مرشيد، فاتحة. الملهمات، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2011م.

[23] مرشيد، فاتحة. الملهمات. ص:25.

[24] المصدر نفسه، ص:27.

[25] المصدر نفسه، ص:28.

[26] المصدر نفسه، ص:69.

[27] المصدر نفسه، ص:87.

[28] المصدر نفسه، ص:114.

[29] المصدر نفسه، ص:179-181.

[30] المصدر نفسه، ص:182-183.

[31] مرشيد، فاتحة. الحق في الرحيل، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2013م.

[32] المصدر نفسه، ص:73.

[33] المصدر نفسه، ص:9-10

[34] المصدر نفسه، ص:47.

[35] المصدر نفسه، ص:30.

[36] المصدر نفسه، ص:58.

[37] المصدر نفسه، ص:76.

[38] مرشيد، فاتحة. التوأم، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي للكتاب، 2016.

[39] المصدر نفسه، ص:164.

[40]  مرشيد، فاتحة. انعتاق الرغبة، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي للكتاب، 2019م.

[41]  مرشيد، فاتحة. انعتاق الرغبة. ص:180.

[42] المصدر نفسه، ص:118.

[43] المصدر نفسه، ص:10.

[44] المصدر نفسه، ص:199.

[45] المصدر نفسه، ص:221.

[46] المصدر نفسه، ص:223.

المصادر والمراجع

  • ابن منظور، أبو الفضل: لسان العرب، ج4. بيروت: دار صادر، 1956م.
  • أنقار، محمد. صورة المغرب في الرواية الإسبانية، ط1. المغرب: مكتبة الإدريسي، 1994م.
  • البقالي، البشير. صورة الإنسان في رواية “السفينة” لجبرا إبراهيم جبرا، ط1. مصر: شمس للنشر والتوزيع، 2011م.
  • الجواهري، إسماعيل بن حماد. الصحاح في اللغة، ط4، ج2. بيروت: دار العلم للملايين، 1990م.
  • الداديسي، الكبير. في الرواية العربية المعاصرة، ط1، ج1. عَمَان: دار الراية للنشر والتوزيع، 2015م.
  • الصغير، محمد حسين. الصورة الفنية في المثل القرآني، ط1. العراق: دار الرشيد للنشر، 1981م.
  • مرشيد، فاتحة. التوأم، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي للكتاب، 2016م.
  • مرشيد، فاتحة. الحق في الرحيل، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2013م.
  • مرشيد، فاتحة. الملهمات، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2011م.
  • مرشيد، فاتحة. انعتاق الرغبة، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي للكتاب، 2019م.
  • مرشيد، فاتحة. لحظات لا غير، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2007م.
  • مرشيد، فاتحة. مخالب المتعة، ط1. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2009م.
  • الناقوري، إدريس. الرواية المغربيةمدخل إلى مشكلاتها الفكرية والفنية. المغرب: دار النشر المغربية 1983م.
    تحميل البحث