حوار صحفي عن سجالات الفكر والنقد والسياسة في الوطن العربي مع الدكتورة غزلان هاشمي

لقراءة وتحميل الحوار انقر هنا

حاورتها: خولة خمري *

معنا في هذا الحوار ناقدة ومفكرة جزائرية غنية عن التعريف لطالما كان صوتها صداحا في عالم الفكر لتصول وتجول في مختلف ربوعه مشتغلة على عدة قضايا لعل أبرزها نقد المركزية الغربية لتكشف ضيفتنا في هذا العدد تمثلات تلك الأحقاد الغربية الدفينة المتوارية خلف الخطابات الفكرية الرنانة  ظاهريا والخاوية جوفا… كما قدمت المفكرة الجزائرية العديد من الأبحاث التي تعنى بقضايا الفكر العربي المعاصر كاشفة العديد من الملابسات. كل هذا ومواضيع أخرى سنكشفها من خلال حوارنا الشيق الذي انفردت به المجلة الدولية المحكمة مجلة الجيل الجديد الصادرة في الهند.

*****

س. بداية: كيف تقدم لنا الناقدة والمفكرة الجزائرية غزلان هاشمي نفسها؟ وخلاصة ما عاشته من تجارب للقراء والمتابعين؟

ج. أفضل أن أقول عن نفسي إني قارئة للنصوص باحثة في مسافاتها المعتمة وفي بوحها الصامت وفي إمكاناتها المنفلتة من سلطة الحضور نابشة عن الغياب في حضرة السؤال وقلق المعرفة. ثم أفضل أن أقول إني إمكان بحثي مجاوز لراهنية النص بحثا عن المتعدد والمغيب والمسكوت عنه في ظل إمكانات أخرى تفوقني خبرة وعمقا. وقد عشت هذا الإنوجاد بين قراء ومتلقين من مختلف المستويات والبقاع، فمنهم من لامس الحرف ولم يحاوره، ومنهم من قاربه تفكيكا وتساؤلا..، ومنهم من تجاوزه لأنه وجد فيه اقترابًا من الهامش على حساب المركز.

س. تعيش الدولة الجزائرية هذه الأيام حراكا شعبيا ونخبويا كبيرا ما قراءتك الثقافية والفلسفية لهذا التحول الكبير الذي يشهده وعي المجتمع الجزائري؟.

ج. أفضل الحديث عن الحراك بوصفه شعبيا لا نخبويا، فالنخبوية ترسخ لعقلية الاصطفاء وللاستثنائية المقيتة. أعتقد أن الحراك ضرورة فرضها الخواء الأيديولوجي والإفلاس السياسي، فالجزائري ومنذ سنوات عاش وسط متاهة بسبب انحسار الاختيارات وانكماشها وفق مبرر التعدد المسمياتي لا غير، فحتى المعارضة التي قدمت نفسها كغريم للسلطة صارت جزء من منظومتها وفق منطق تبريري، لذلك فقد الجزائري ثقته في المنظومة السياسية والثقافية بوجهيهما، وصار يبحث عن البديل في صيغة اشتراك وإشراك في صنع القرار.

تصدع المجتمع التقليدي أدى إلى انحسار مفهوم الإنسان النموذج والأبوية والهوية الأحادية، واستبدالهم بالتعدد في ظل علاقة حوارية، والوصاية الفكرية التي أوقعتنا في فخ الاستثناء وأقصت كل مغايرة من أجل فرض المعنى الواحد أثبتت إفلاسها بعد أن أنتجت حروبا خطابية وتصفيات واقعية عدة سنوات، لذلك التحف المجتمع الجديد بقيم التسامح والحوار نابذا التعصب واحتكار الحقائق.

س. أبانت الحركة الطلابية بالجزائر في ظل الحراك على وعي وطني كبير هل يمكن مقارنة ثورة الطلاب بالجزائر هذه الأيام بثورة طلاب فرنسا سنة 1968م التي غيرت مجرى أوروبا كاملة؟.

ج. لكل حدث خصوصيته وسياقه ومنطلقاته ومرجعياته…، لكن تتشابه الثورتان في محاولة اختراق المعيارية السائدة ورفع الوصاية وفي التعبير عن حالة الحنق الشعبي بسبب تغييب الحريات والتضييق على أهل الفكر والسياسة والإعلام بعد رفع شماعة التخوين في وجوههم طيلة السنوات الأخيرة…، ثورة الطلاب في فرنسا كانت ضد سلطة المجتمع وسلطة التقاليد والممارسة الأبوية في الفكر والدين والسياسة، لكن لا أظن ثورة الطلاب في الجزائر وصلت إلى هذا المستوى من الانتهاك، فالخلخلة واضحة بسبب تصادم وجهات النظر وتناقضها لكن ليست بالجرأة الكافية التي تدمر المرتكزات القبلية نهائيا وتعد بمجتمع متحرر من سلطة المرجعيات…

س. قديما خاصة بعد نكسة حزيران 1967م كان للمفكر العربي دور كبير في تفعيل الحراك السياسي والشعبي، بماذا تفسرين التراجع الرهيب لدور المثقف العربي في الحراك السياسي العربي بعد الربيع العربي؟.

ج. وقعت فجوة عميقة بين المثقف العربي ومجتمعه لأنه ظل يمارس تنظيراته البعيدة عن الواقع في معظمها، ويعول في خطاباته على عدة مفاهيمية بدافع إبهار المتلقي وإرباكه دون تقديم حلول للإشكاليات المطروحة..، فشل المثقف العربي في صنع الحراك وتغيير الواقع، لذا كفر الشعب بكل السلطات بما فيها سلطة المعرفة وبكل المفاهيم النخبوية ومنها مفهوم المثقف ومفهوم النخبة وما تحمله من مضامين استثنائية وفوقية …، أصبح يرفض كل وصاية ممارسة عليه، ويفضل استخدام لفظة شعبي في كل توصيف تبرؤا من كل تعسف تفرضه هذه المفاهيم ذات المضامين الأيديولوجية.

يفترض أن يتحدد دور المثقف في صنع العقل الحواري التواصلي الذي يحترم كل آخرية، من خلال تحريره من أوهامه ومركزيته أو حتى شعوره بالانتقاص والدونية، وإعادة التوازن العقلي له، وذلك بتعريفه بحقيقة ذاته وهدفه في الحياة، وعلى افتراض أن النخبة هي من كانت في حضرة السؤال والشك من أجل خلق وعي جديد متحرر من كل سلطة معرفية أو سياسية أو اجتماعية، ومن كل صنمية وتقديس يفضي إلى قتل التعدد وفرض المعنى الأحادي والتفسير المركزي، فإن دورها يصبح متمثلا في مد الشعب بالآليات المناسبة التي تساعد على تحرير الفكر من أوهامه الأيديولوجية، ومن انغلاقه ومركزيته وتعصبه.

إن النخبة اليوم أمام تحد خطير خاصة مع كل المنعرجات السياسية والتحولات الاجتماعية والأخلاقية والقيمية، فهي مطالبة بصنع وعي حضاري وصنع خطاب علمي، وكذا الإسهام في تعديل السلوك والتنبيه إلى تناقض وتهافت بعض الخطابات السياسية والمعرفية والفلسفية التي تم الترويج إليها في حقبة معينة من تاريخ المجتمع، هذا ويفترض من النخبة الإسهام في صنع القرارات التي تهم المواطن على وجه الخصوص والوطن على وجه العموم.

وحتى وإن شكلت النخبة أقلية داخل المجتمع إلا أن لها دور كبير في فضح الأنساق المضمرة، وتعميم المعرفة غير المؤدلجة، مع تحقيق التغيير الممنهج والذي يؤدي إلى نهضة على جميع الأصعدة وإلى التخلص من الانحطاط والتخلف والاستبداد، وتوعية الجماهير بدورها الفاعل في تجاوز العقبات والقيام بالواجبات… لكن تعاليها جعلها تعيش على هامش الواقع وعلى هامش القضايا المصيرية.

إن صنع الأفكار أصعب من صناعة أي منتج مادي، واليوم للأسف نلاحظ تراجع دور النخبة، حيث وقعت فجوة عميقة بينها وبين أفراد المجتمع، بعد أن انشغلت بمعارك فكرية جانبية، بل وزادت الفجوة حينما تم التعويل على خطاب مفعم بالغموض والالتباس، إذ القارئ صار يجد نفسه أمام ألاعيب مفاهيمية ولغة أقرب إلى الاستعراض منها إلى تقديم المعرفة والتحليل والاستنباط. .هذا مع انغماس البعض في الابتذال وتصفية الحسابات والحروب الكلامية التي تخلقها السجالات الواقعة، والتي تصل إلى حد التخوين والترهيب والتهديد من خلال إقصاء المغايرة والاختلاف….، ناهيك عن انعزال النخبة عن الواقع وعن هموم الناس واكتفائها بالتنظير وبممارساتها الاصطفائية. لقد تغيرت كل التوصيفات المقدمة لتحديد مضمونية مصطلح النخبة نحو تجاوز إطلاقه على الفئة التي تجد تسويغات للممارسة التعسفية من قبل أي سلطة (معرفية ـ اجتماعية ـ سياسية ـ دينية..)، لذلك فالنخبة اليوم لا تندرج ضمنها المجموعة التبريرية أو  الذين نسميهم اليوم بالفاعلين المغشوشين.

النخبة اليوم مطالبة بعدم الاكتفاء بالتشخيص والنقاش المفرغ من المضمون، بل بالتفاعل مع القضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية، مع تفعيل الراهن من خلال التحرر من العقل الاستعاري والعقل التطابقي أيضا، وخلق أسئلة الراهن كخطوة أولى نحو الإجابة عنها في ظل التعدد والاختلاف واحترام المغايرة ونحو إيجاد الحلول لكل الإشكاليات الواقعة. وحتى وإن واجهت النخب تهميشا من قبل كل تلك السلطات فعليها أن تجتهد في تجديد طاقاتها وفعاليتها من أجل قيم التنوير والديمقراطية، ومنح المعرفة الحقيقية والوعي الأصيل وتأطير القيم، فالالتزام قدرها والتجديد مهمتها. إن التشريح والكشف عن علل المجتمع والتضليل الأيديولوجي يسهم في بناء دولة متنورة لأنها أولى الخطوات نحو إيجاد سبل العلاج، وحتى وإن ابتلانا الواقع بنخبة غارقة في مصالحها أو في أوهامها، متعالية عن الواقع وعن المجتمع فإنه يظل هناك نخبة مضادة واعية على قلتها، وحتى إن كانت تعاني التهميش فإنها تحاول القفز على موضعيتها من خلال تفكيك المركزيات وإعادة الاعتبار إلى الهامش، ومن خلال الكشف عن المغاليق والخوض في المجاهيل وتقديم المعرفة الحقيقية.

س. الحركة النقدية العربية تشهد تهافتا كبيرا على منجزات النقد الغربي لكن يشوب تلك العملية حركة انبهار بل وتلقي دون غربلة أو مراعاة للخصوصيات الحضارية والثقافية التي أوجدت تلك النظريات ما قراءتك لذلك؟.

ج. اعتمد النقاد العرب على رؤية مستعارة وعقلية تطابقية ترتضي الاهتمام بما هو منجز غربي نقلا وشرحا واحتفاء، مهما أبدت من تعارضات سياقية وحضارية قد تخلخل المدرك العام أو الوعي الجمعي وتهدد مرتكزاته.

ففي سعيهم لإنشاء خطاب نقدي منبثق من حدود الذات ومختلف عن الآخر ومتحرر من تحيزاته لم يستطيعوا التحرر من أثر هذه المرجعيات في استخداماتهم المنهجية وآليات تحليلهم للخطاب،حيث نجد تطابقا واضحا مع الآخر.

س. عديد من المفكرين العرب كمحمد أركون بالجزائر وعابد الجابري بالمغرب الشقيق حاولوا تقديم رؤية جديدة للتراث من خلال قراءة مغايرة عما هو سائد من خلال مناهج فلسفية غربية ما تعليقك على ذلك؟.

ج. كثرت المقاربات التي تناولت مسألة التراث والحداثة على إثر السجال الواقع اليوم في الساحة الفكرية العربية حول فاعلية التراث والحداثة، وحول موضعة الذات إزاء الآخر وحول الهوية والمصير، حيث تم مساءلة التراث العربي واستخراج آليات التفكير من أجل العثور على كل مسببات الانهيار الواقع آنيا ومسببات التراجع الفكري العربي، ومن الأسماء التي عدت من أوائل المسائلين للتراث العربي تفكيكا واستبطانا للعقلية العربية المفكر الجزائري محمد أركون، والذي سعى لبناء نمط معرفي جديد يتجاوز المرجعية الإسلامية التاريخية ويزعزع مسلماتها، ثم تبعه مفكرون آخرون كالجابري وحسن حنفي…. وقد وجدنا أن في مساءلات هؤلاء نوع من تشتت الهوية حيث يتضح أن الذات تعيش ضياعا بين اعتبارات مختلفة وغيرية، وحيث التضمينات الأيديولوجية وتحيزاتها تتضح في ثنايا خطاباتهم التقويضية… فإلى اليوم لم تستطع هذه الخطابات أن تتحرر من سلطة الآخر وتأثيراته أو تتجاوزه نحو تمثلات منهجية من أصيل الذات واعتباراتها وخصوصياتها الحضارية.

 

س. في ظل الخلط المنهجي الكبير هل يمكن القول إن العقل العربي بات اليوم عاجزا على إبداع منهج يتماشى وخصوصياتنا الحضارية في حين العقل الغربي يبدع مناهج متعددة؟

ج. لم يستطع نقادنا التحرر من تأثيرات الآخر ومرجعياته رغم دعوة الكثيرين الدائمة إلى ضرورة التنبه إلى المضمرات الكامنة في الخطابات النقدية الغربية والتحيزات الواضحة في المناهج المستعارة، إذ وجدناهم يستخدمون آليات غربية في قراءاتهم المتعددة، وهذا ما يجعل الحديث عن وجود قراءات نقدية محايدة لا معنى له، مادمنا لم نستطع إنتاج آليات خاصة منبثقة من حدود الذات وهويتها. لا ينفصل إذن أي خطاب عن مرجعياته، لذلك لا وجود لخطاب نقدي مستقل…

س. دكتورة واضح جدا تأثرك العميق بما قدمه الناقد عبد الله إبراهيم هل يمكن الحديث عن توجه مشترك بينكما من حيث عدم القدرة على التنصل من اتخاذ أدوات المناهج الغربية في تفكيك النصوص؟.

ج. عبد الله إبراهيم ناقد متمكن حاول تقويض المركزيات المختلفة مستخدما آليات النقد الثقافي، ولا أنكر أنه أثر في كتاباتي في مرحلة معينة، لكن قراءة النصوص الأدبية لدي تنحو منحى مغايرا تماما عما قدمه، فالتأويل كان سبيلي في استنطاق النصوص، وكنت أحاول دائما التخلص من الصرامة التي تفرضها المناهج لذلك أستخدم مصطلح القراءة…، أما عن عدم قدرتنا جميعا التنصل من الأدوات المنهجية الغربية فذلك لا يمكن إنكاره، فاللحظة التاريخية التي نعيشها بكل إحراجاتها تفرض هذه الاستعارة، لكن فقط وجب أن نكون حذرين أثناء النقل من بعض المفاهيم التي تحمل مضامين أيديولوجية تنافي معتقداتنا وتوجهاتنا.

س. كيف يمكن إيجاد الحلول المناسبة والناجعة للتخلص من الخلط المنهجي لعمليات الترجمة، ناهيك عن كثرة المصطلحات التي لا طائل منها، وكذا محاولة الكثير من نقادنا إن لم يكن كلهم على التطويع القصري للمصطلحات النقدية الغربية في البيئة العربية؟.

ج. حركة الترجمة كانت موجهة من قبل الوعي الذاتي بضرورة معرفة الآخر من أجل بناء زمن عربي وبعث حركة النهضة، فليست كل ترجمة اغتيال للذات وهويتها، لذلك يمكن استخدام ما يسميه المفكر المصري عبد الوهاب المسيري العقل التوليدي الذي يجاوز التلقي المادي للمعلومات وذلك من خلال الاختيار الفعال والحر. لابد من تبني رؤية منهجية تنبع من صميم هويتنا ومن الأبعاد المعرفية والوجودية في تجربتنا، إذ المطابقة مع الآخر لا تضفي إلا إلى مزيد من التبعية الإدراكية وإلى السقوط في إمبريالية المقولات، وهو ما يعني استعارة المقولات التحليلية للآخر دون وعي بمضمراتها.

س. هل بالإمكان إيجاد نوع من المقاربات التّثاقفية الجديدة الجامعة بين الثّقافتين العربية والغربية لحل الجدل الدائر بين بنية العقل الشرقي والغربي من خلال تشاكل ثقافي كوني جديد بعيدًا عن سلطة المركزية الغربية؟. 

ج. لابد كخطوة أولى أن نقوم بتفكيك الخطاب الثقافي العربي وتقويض مركزيته وذلك من أجل معرفة نقاط ضعفه وإعادة الثقة للذات والقضاء على الشعور بالنقص إزاء الآخر، لأن الحديث عن الجمع بين ثقافتين مختلفتين ستؤدي حتما إلى خلق خطاب تلفيقي لا يقدم جديدا، بينما التثاقف يفترض الاستفادة من المنجزات الغيرية ثم الاعتماد على فعل التجاوز بخلق راهنية ثقافية تعول على مرتكزات الذات وتنطلق من لحظة توقف الآخر لتضيف عليه.

س. ما مدى قدرة النقاد العرب على إيجاد نظرية نقدية عربية أصيلة تمتاح من النظريات النقدية الغربية ومصطلحاتها وكذا التراث العربي الأصيل من خلال كتابات رواد النقد العربي القديم أمثال عبد القاهر الجرجاني وغيره؟.

ج. إن استفادة بعض النقاد من النظريات النقدية الغربية ليست بشكل تطابقي يلغي خصوصية الذات ويذوبها، وإنما عبر رؤية تاريخية تتأسس على دراسة معمقة للمادة النقدية الغربية في شرطها التاريخي والحضاري، وتستند إلى وعي نقدي يرتكز على حوارية منفتحة ومنزع إنساني…، لذلك يمكن القول مازال في مقدورنا تقديم منجز نقدي ومعرفي يقوم بتطويع التراث العربي مستفيدا من منجزات الآخر وكذا من راهنيتنا إذا تخلصنا من الشعور بالنقص ومن العقلية الانبهارية وصبغتها المؤسسة على التطابق الكلي.

س. ما السبل والأدوات الكفيلة لتحقيق إنوجاد نظرية نقدية عربية عالمية، تعبر بشكل خاص عن خصوصيات وهوية النقد العربي الأصيل  ببعديه الجامع بين الثقافتين العربية والغربية؟.

ج. لابد أولا من تقويض فكرة التمركز الغربي بمساءلته والبحث في مضمراته وإظهار تناقضاته من أجل التخلص من النظرة الانبهارية، ثم ثانيا تشكيل معجم حضاري متكامل ومستقل من خلال استخدام العقل التوليدي لا الاستعاري التطابقي الذي يكتفي باستقبال النظريات دون تمحيص.

س. في نهاية حوارنا الشيق هذا، نطرح عليكم سؤالا أخيرا وهو ما هو تصورك للجزائر بعد خمسين سنة كيف ستكون؟.

ج. التغيير الجذري صعب لكن أتصور أن الجزائر ستشهد نهضة على كل المستويات، وسيحدث تغيير على مستوى الأجهزة السياسية والاقتصادية وإن جزئيا بسبب تفعيل آلية المراقبة الشعبية بعد الحراك الشعبي، من سيترأس مستقبلا سيحسب ألف حساب لمثل هذه الراهنية ولهذا الشعب الذي أصبح وعيه يشركه في صنع القرار بعد أن كان قابعا في الظل وعلى هامش الممارسة السياسية والثقافية…. الصنمية ستتراجع وسيتعلم الجزائري كيف يكون حرا في قراراته واختياراته وسيتعلم كيف يتخلص من التعصب للآراء والأشخاص ومن عقلية الاصطفاء ليتقبل الاختلاف وكل آخرية.

س. كلمة أخيرة تعبرين فيها عما يجول بخاطرك وما تودين قوله للجمهور والمتتبعين؟

ج. سعدت بهذه السياحة المعرفية والتباحث الإشكالي في قضايا هي من صميم اهتماماتنا الحضارية، أملي في أن نعثر على لحظتنا التاريخية وأن يعود إلينا عزنا يوما ما… شكرا لك ولكل القائمين على المجلة على هذه الاستضافة.

* إعلامية جزائرية، وباحثة في قضايا التعددية الثقافية والتعايش بين الأديان.